أقول وبالله التوفيق: الرقص الصوفي الذي أجازه الفقهاء؛ هو الحركة الخفيفة التي تساعد على النشاط، وليس الرقص الذي فيه التثني والخلاعة، وهذا أقل من الحجل والدبكة، ويسمى رقصاً مجازاً، فإذا كان كذلك فلا ننكره، أما إذا كان فيه فتنة وشهوة أو كان مع المعازف والاختلاط فذلك منكر، لا يجوز.
وقد ورد من حديث أنس رضي الله عنه قال: (كانت الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون بكلام لهم: محمد عبد صالح، فقال صلى الله عليه وسلم: ماذا يقولون؟ فقيل: إنهم يقولون: محمد عبد صالح) رواه أحمد، واستأنس به بعض الفقهاء لجواز الحركة في المسجد ومع ذكر.
قال الشيخ (عبد الغني النابلسي) رحمه الله تعالى: الصحابة كانوا يتحركون حركة شديدة في الذكر، وهذا يدل على أن الرجل غير مؤاخذ حين يتحرك ويقوم ويقعد في الذكر، على أي نوع كان، حيث إنه لم يأت بمعصية، ولم يقصدها [أي لم يعتبر هذه الحركة سنة أو واجباً أو عبادة بذاتها].
وسئل إمام الطائفتين الجنيد: إن أقواماً يتواجدون ويتمايلون؟ فقال: دعوهم مع الله يفرحون.
وقال الإمام المحقق (ابن كمال باشا) لما استفتي عن ذلك:
ما في التواجد إن حققت من حرج ولا التمايل إن أخلصت من باس
فقمت تسعى على رِجْل وحُقَّ لمن دعاه مولاه أن يسعى على الرأس
وقد أفتى مفتي السادة الشافعية بمكة المكرمة العلامة الكبير أحمد زيني دحلان رحمه الله مستدلا بحديثين وردا أن جعفر بن أبي طالب حينما قال صلى الله عليه وسلم له: أشبهت خَلقي وخُلقي، فقام جعفر وحَجَل حول النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر عليه رقصه، واعتبر الشيخ دحلان ذلك أصلاً لرقص الصوفية، عندما يجدون من لذة المواجيد، في مجالس الذكر والسماع. والله أعلم.